العدد 28 – صيف 2022

آثارنا تدلّ علينا

وزيرة الثقافة

الدكتورة لبانة مشـوِّح

الترجمة نشاط إنساني مميز يحتل مكان الصدارة في المجتمعات الإنسانية على اختلاف تقدمها الحضاري والعلمي والتقني، وهي تقع من عملية التواصل الاجتماعي موقعاً لا يمكن إغفال أهميته ولا التقليل من شأنه.

للترجمة التحريرية تاريخ طويل يكاد يواكب تاريخ تحوّل اللغة من المنطوق إلى المكتوب. نشأت الترجمة منذ اللحظة التي أقامت فيها الأمم الناطقة بألسن مختلفة علاقات فرضتها حركة الحياة وأملاها تطور المجتمعات الإنسانية، فكان لا بد لها من إيجاد سبل تسهِّل تواصلها فيما بينها، فكانت الترجمة… وكان المترجمون.

يرى مؤرخو الترجمة أنّ آثارها ظهرت على شكل نصوص ثنائية اللغة مدوّنة بالكتابة المسمارية على قبور الفراعنة وتعود إلى الألف الثالث ق.م، وتحديداً بين 2700 – 2200 ق.م. ولعلّ من أشهر النصوص المترجمة نص يمجِّد بطولات بطليموس الخامس، ثلاثي اللغة منقوش على نصب من الحجر البازلتي اكتُشِف في القرن الثامن عشر ويعود إلى العام 196 ق.م. كُتِب عليه باللغات الهيروغليفية واليونانية والديموطيّة المتطورة عن المصرية المتأخّرة.

ومن جهة أخرى، تؤكد المكتشفات الأثرية أن الترجمة كانت مزدهرة في مملكة إيبلا السورية التي تعود إلى منتصف الألف الثالث ق.م. وتبعد عن حلب نحو55 كم. ازدهارالترجمة فيها واكب دون شك ازدهار التجارة التي تجاوزت بكثير مناطق حكم المملكة، فغدت مركز تلاقٍ حضاري في العالم القديم، وكان لا بد لأهلها من التواصل والتفاهم مع الشعوب والأقوام الأخرى.

من بين نحو سبعة عشر ألف رقيم مكتشف في مملكة إيبلا، وقع علماء الآثار واللغات القديمة على معاجم ثنائية اللغة سومرية – إيبلاوية تحتوي على ما يزيد عن 114 مفردة، إضافة إلى 1000 مفردة مترجمة تبين أنها من وضع مترجمين نسخوا الألواح السومرية.

الترجمة واكبت الحضارات البشرية وتطوّرت بتطورها، ولا تزال تبهرنا بإنجازاتها وما تبنيه من جسور معرفية وجمالية بين الشعوب.

 

 

اضغط على الرابط أدناه لقراءة العدد كاملاً:

(العدد 28 – صيف 2022) pdf.