فَنُّ التَّحقيق
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوِّح
يكاد نبع المخطوطات العربية لا ينضب، والجهود المبذولة في تحقيقها لا تكاد تتوقف. ولا غرابة في ذلك، فالعلوم كانت من أبدع ثمرات الحضارة العربية. وانكبّ العلماء العرب على تدوين هذه العلوم والمعارف على أنواعها، حتى عُرف ذاك العصر بعصر التدوين اعترافاً بفضلهم، فأغنوا المكتبة العربية والعالمية بنفائس المخطوطات تأليفاً وترجمة ممّا لا تتسع له الكتب وما تعجز الأقلام عن وصفه.
تنوعت المجالات التي تناولتها المخطوطات العربية، وتراوحت بين الأدبية والفقهية واللغوية والهندسية والطبية؛ فكان لا بدّ لإخراج النَّصِّ، كما أراده كاتبُهُ، من أن يتصدى لمهمة التحقيق هذه من هو أهل له. ولكلِّ اختصاصٍ أهلُهُ الأعلمُ به. وشرط المحقق الأول أن يكون من أهل الاختصاص، وأن يعمل كلٌّ في مجال علمه وتخصّصه، وإلا فكيف للغويّ أن يفسِّر طلاسم المعادلات الرياضية، أو أن يستوعب مخططات آلات الرصد الفلكية ويستنبط الاستخدامات الهندسية لتلك الآلات؟ وكيف لباحث في التاريخ أن يحيط بمجمل المفاهيم الطبية أو المصطلحات التشريحية أو التراكيب الدوائية؟ وأنّى لمهندسٍ أَنْ يعيَ منطقَ لغويٍّ كابن جنِّي، أو قوانين طبيب فذّ كابن النفيس، أو مقاصد الفقه وما دُوِّن من علوم الحديث؟ وهل بمقدور غير الدارس المتبحّر في أسلوب المتنبي أن يحقق السيفيّة الأولى من ديوانه؟
ولتحقيق المخطوطات على أنواعها منهجية معروفة لا بدّ من اتّباعها، أوّل خطواتها مقارنة النسخة المراد تحقيقها بغيرها، ومطابقة العناوين والتواريخ والمعلومات، وعدم الركون إلى صحة المعلومات الواردة ما لم تكن موائمة للعصر الذي ظهرت فيه ولمنهج كاتبها ومنطقه وفكره. كما أنّ الأمانة تقتضي أن يُحافَظ على النصّ بلا زيادة ولا نقصان، وبلا تصويب أو تحسين.
فهل استوفت كلّ التحقيقات شروط الدقة والمنهجية العلمية والأمانة المتوخّاة؟
أسئلة قد يجد قارئ هذا العدد القيِّم من مجلة المخطوط العربي بعض الإجابات عنها.
اضغط على الرابط أدناه لقراءة العدد كاملاً: