ضمن برنامج الفعاليات الثقافية والفنية المرافقة لمعرض الكتاب السوري الذي يُقام في مكتبة الأسد الوطنية تحت شعار (كتابنا… غدنا)، أقيمت يوم 31/10/2021 ندوة فكرية حملت عنوان (الكتاب السوري: الدور التنويري وآفاق التطوير)، شارك فيها كلٌّ من: د. ثائر زين الدين المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب، وأ. الأرقم الزعبي عضو اتحاد الكتّاب العرب، وأ. أيمن غزالي مدير دار نينوى للطباعة والنشر؛ وأدار الندوة: أ. إياد مرشد المدير العام لمكتبة الأسد الوطنية.
بدايةً تحدث د. ثائر زين الدين في مداخلته التي حملت عنوان (آفاق وصعوبات صناعة الكتاب السوري على ضوء تجربة الهيئة العامة السورية للكتاب)، وقرأتها نيابة عنه أ. سلام الفاضل، تحدث عن العلاقة بين الكتاب والإنسان في الوطن العربي، إذ رأى: “إن هذه العلاقة ازدادت تأزّماً عما كانت عليهِ في الثمانينيات والتسعينيات، وهي في المحصّلة العامة تشهَدُ تراجُعاً واضحاً، ولا سيّما بعَدَ ما أصابَ معظم الدول العربيّة من ازديادٍ في مستوى الأميّة بسبب حُروبٍ خارجيّة وداخليّة وتدميرٍ يكادُ يكون مُمنهجاً لمؤسساتها التعليميّة والثقافية”. واختصر أشكال ومظاهر تلك الأزمة بعدد من النقاط، منها: قِلّة عدد الكتب التي تُطبَعُ في الدول العربيّة بصورةٍ واضحة، وضَعْفُ حركةِ الترجمة وطباعة الكتب المترجمة في الوطن العربي، وقلة عَددُ النُسَخِ من الكتاب المطبوع، وسوءُ توزيع الكتابِ وضعفُهُ في البلدان العربيّة إضافة إلى صعوبة وصوله إلى بعض الأرياف أو المدن البعيدة عن العواصم”. وتابع متناولاً تجربة وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب في ميدان النشر، إذ أوضح: “إنه على الرغم من الصعوبات الهائلة التي اعترضت طريقها بدءاً من قلة الكوادر التي تعمل في هذا المجال، ونقص في الكفاءات المختلفة ولا سيّما في مجال الترجمة، وصولاً إلى الغلاء المخيفِ لأسعار مواد الطباعة المختلفة مروراً بانخفاض قيمة العملة المحليّة ما انعكسَ تدنيّاً في تعويضاتِ وأجور العاملينَ في حقل الكتاب دأبت هذه المؤسسة خلال عشر السنوات الماضية في تقديم المعرفة للقارئ السوري خاصة، والعربي بصورة عامة”. وساق عدداً من الأرقام التي تقدم صورة واضحة عن ذلك، ومنها: “إن الهيئة وفي عام 2017 نشرت 196 عنواناً، و4 كتب ناطقة، وفي عام 2018 نشرت 266 عنواناً، و7 كتب ناطقة، وفي عام 2019 نشرت 285 عنواناً، و6 كتب ناطقة، وفي عام 2020 نشرت 165 عنواناً، و10 كتب ناطقة، وفي عام 2021، وحتى تاريخ 14/9/2021 نشرت 205 عناوين، و5 كتب ناطقة”. إضافة إلى استمرارها في إصدار مجلاتها ودورياتها، وصنعها الكتاب الناطق، وتحميلها الكتاب الإلكتروني على موقعها الرسمي على الشابكة.
بدوره قدم أ. الأرقم الزعبي في مداخلته التي جاءت تحت عنوان (تسويق الكتاب… المحتوى – النوع – التطلعات)، قدم قراءة تاريخية لموضوع الكتابة، وصناعة الكتاب، وصولاً إلى استحداث الكتاب الورقي والإلكتروني، وأشار إلى الموقف من الكتاب التنويري قديماً وحديثاً، وتساءل عن السبب الكامن وراء عدم فاعلية حركة التنويريين العرب على مستوى المجتمع، خلافاً لمدى فاعلية هذه الحركة في الغرب نظراً لارتباطها بحالة تكاملية من الإبداع في الموسيقا، والفن والصناعة. كما تحدث عن الرواية ودورها التنويري، وعملية التسويق وآلياتها، وعقد ختاماً مقارنة بين الكتاب الورقي والإلكتروني مبيّناً وجود حالة تكاملية بينهما؛ فلن يلغي أحدهما الآخر.
أما أ. أيمن غزالي فعمل عبر مداخلته (صناعة النشر…آفاق، ومشكلات، وتطلعات) على إدخال الجمهور في عملية صناعة النشر، والآلية الحقيقية لهذه الصناعة بالشكل الفني والمعرفي. وعرج على التأكيد على حاجة المجتمع للثقافة، وتغيير مفهوم فكرة القراءة من أنها حاجة فائضة، إلى كونها حاجة أساسية في المجتمع، كما أكّد على ضرورة تغيير وجهة نظر المؤسسات بعلاقتها مع المنتج، أو الناشر، أو القارئ لتكون علاقة تشاركية، هدفها الأساس دفع المعرفة إلى الناس لأن من شأن هذه المعرفة الاستراتيجية مواجهة الفكر الظلامي.