التراث الشعبي- العدد 29- 2023م

التراث اللامادي مادة غنية لدراسات معمّقة

                                                                                                                                                                                                  وزيرة الثقافة

الدكتورة لبانة مشوِّح

يشتمل التراث الثقافي اللامادي على جملة الممارسات والتقاليد والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن تعدها الجماعات والمجموعات، لا بل الأفراد أحيانًا، جزءًا من تراثهم الثقافي الذي توارثوه جيلًا بعد جيل. ولا يقتصر هذا التراث على الموروث كمنتج قديم مهمل، بل يتعداه إلى إبداعات مستمرة يضيفها حملة العنصر التراثي، تكيّفًا مع البيئة حينًا، ومراعاة للذائقة أحيانًا.
من شأن صون هذا التراث بحصر عناصره ودراسة مكوناته وأصوله والعناية بتطويره والتعريف به والترويج له والتحفيز على ممارسته، أن ينمّي لدى حملته الإحساس بتميزهم، ويقوي الروابط فيما بينهم. كما أنه يعزز التعارف والتقارب بين مكونات المجتمع الأوسع، فيبرز جمال مكوناته الثقافية بما يُفضي إلى إغناء الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي. كذلك فإن العناية التي توليها الشعوب اليوم بحصر عناصر من تراثها اللامادي وتوثيقها، وسعيها لإدراج بعضٍ منه في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني تعدّ بمنزلة تأكيد على تميزها وتمسّكها بخصوصيتها الثقافية الذي يعد بمنزلة درعٍ تقيها ما تخشاه من ذوبان في لجّ العولمة الثقافية.
لا شك أن الخوض في عمق التراث اللامادي يبرز جمالية تفاصيل كثيرٍ من الأدوات المرتبطة بالممارسات، ودقة المصنوعات والمهارات التي يقتضيها إنتاجها، الأمر الذي يظهّر محاسنها، ويعظِّم قيمتها. لكن من فضائل العناية بهذا التراث أيضًا بحصره وتوثيقه أنها تضع بين أيدي الباحثين في علوم عدة مادة غنية، وتعدُّ نافذة للولوج إلى بحوث متنوعة، لسانية- لغوية، واجتماعية- أنثروبولوجية، وميثولوجية، وموسيقية… دراسات تُعين على تقصّي جذور الفكر ومساراته، وعمق التقاليد والطقوس وأصولها وتطورها، وتفسِّر رمزيتها وما تعكسه من طبيعة القيم السائدة بين حامليها، والعلاقات البشرية التي تربطهم، ورؤيتهم للكون والطبيعة من حولهم. ويشكّل حصر التراث الشفهي من أهازيج ومراثٍ وأشعار زجلية وحكايات ومرويات شعبية ونداءات باعة وسواها… مصدرًا مهمًا لحصر المفردات والعبارات المحكية التي تُستعمل في مناسبات خاصة، ومحاولة تأصيلها بردّها إلى جذورها اللغوية السريانية أو العربية بلهجاتها الجنوبية والثمودية والصفوية، وصولًا إلى لغة قريش الفصيحة. مثل تلك الدراسات على قدر كبير من الأهمية؛ إذ تتيح معرفة الفصيح من الدخيل أو الهجين من الألفاظ العامية، بما يؤدي إلى رفع بعض الحيف الذي يُنزل بها بعدِّها دخيلة طارئة و«تشويهًا للغة الفصيحة».

 

لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه:
التراث الشعبي (العدد 29 – 2023م) pdf.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *