التراث اللامادي مسؤولية وطنية
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوح
كلّنا بتراثنا شغوف، وعليه أمين. ونحن في ذلك كسوانا من الشعوب الغيورة على إرثها الثقافي، نخشى عليه من العبث والاندثار، ونحرص لى إبرازه وتطويره والترويج له، لإيماننا العميق بأنه، على تنوعه واختلاف ممارساته ومنابعه ومشاربه، وخصوصيته في كثير من الأحيان، يُؤلّفُ جزءاً مهماً، بل أساسياً من هويتنا الوطنية الجامعة، لا بل هو أحد أسباب تفردها وجمالها.
تراثنا غنيّ إلى حدّ يبدو معه مستحيلاً حصرُ كلّ عناصره، فهو نتاج حضارات متعاقبة عميقة الجذور في التاريخ. وكثر اليوم هم المهتمون بالشأن التراثي. فإلى جانب الجهات الرسمية، هناك الجهات غير الحكومية والمنظمات والجمعيات من المجتمع الأهلي، وقد أحصينا في الداخل السوري نحو 350 جمعية حصلت على ترخيص للعمل في الشأن الثقافي والتراثي. ولعلّ إحدى مشكلاتنا تكمن تحديداً في كثرة الجهات وتبعثر الجهود، وفي غياب إطار تشريعي يحمي التراث اللامادي من العبث والتشويه والضياع، وغياب إطار تنظيمي وخطّة وطنية تنظّم تلك الجهود وتوجهها لخدمة التراث اللامادي وضمان استدامته.
لهذا دعونا إلى ورشة عمل عُقدت في مكتبة الأسد الوطنية في حزيران الماضي نوقشت فيها محاور متنوعة، على أمل أن نصل بعد أربعة أيام من العرض والشرح والنقاش إلى رؤية واضحة لعملنا في هذا الإطار. وخرجت الورشة بتوصيات مهمة ستعتمد أساساً لإطلاق خطتنا الوطنية للتراث اللامادي.
أوضحت العروض والنقاشات أن إحدى مشكلاتنا في التعاطي مع «التراث اللامادي» هي غياب الإطار القانوني الناظم للعمل فيه، إضافة إلى حداثة المصطلح والغموض الذي يعتريه في أذهان الكثيرين، ولا سيّما غير المختصين الذين هم في الواقع حملة هذا التراث وحماته، سواء في ممارستهم الحرفية أم طقوسهم اليومية. ويأتي اللبس مما يحمله المصطلح من ازدواجية ناتجة عن تجريد المفهوم ومادية المنتج، أي من اختلاط المادي باللامادي. أما الأول فهو المنتج التراثي النهائي لغةً محلية كان، أم أهزوجة، أم حكاية شعبية، أم طبقاً تقليدياً يختص بمناسبة دون سواها، أم طقس فرح أو حزن… إلخ
وأما الثاني، فهو القصة الكامنة وراء هذا المنتج التراثي، والبيئة الحاضنة له والضامنة لاستدامته، والمهارات اللازمة لصنعه، ومكان ممارسته، وأسرار تلك الممارسة وطقوسها ودلالاتها الفكرية والاجتماعية…إلخ
مهمّتنا كمعنين بحماية التراث اللامادي وصونه أن نجلي الغموض الذي يعتري هذا المفهوم الواسع، وأن نعمل على إيجاد البيئة المناسبة لضمان استدامته، بوضع الإطار القانوني الوطني الناظم لعمل كل الجهات المعنية به، عامة كانت أم خاصة، وبالعناية بالإنسان حامل هذا التراث وأساس ديمومته، وبالتأسيس لصناعة تراثية تطور المنتج، وتحميه من السرقة والتشويه.
لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه:
مجلة التراث الشعبي (العدد 27- 2022م) pdf.