العدد 30 – شتاء 2023

الإبداع في الترجمة بين النظرية والتطبيق

وزيرة الثقافة

الدكتورة لبانة مشـوِّح

مما لا شك فيه أن علم الترجمة بما تمخّض عنه من مدارس ونظريات استفاد أيّما فائدة من اللسانيات وعلوم اللغة عموماً. من تلك النظريات نظرية المعنى لرولان بارت وغيرها من النظريات التي أعطت متلقي النَّص حقَّ خلقه من جديد، أو على أقل تقدير، حق الخروج من إسار الترجمة الحرفية، ومنحته، عن قصد أو عن غير قصد، صفة المبدع، سواء من حيث انتقاء المفردات أو العبارات أو الصور. ومن جهتها، ألزمت لسانيات النص المترجم بالبدء بتحليل مكوِّنات النَّص قبل الشروع بعملية الترجمة الفعلية، مما يجعله يغرق في التفاصيل ويقف عند تحليل العناصر الفردية الدَّالة على المعنى. أمّا المنهج التَّداولي فأطلق يده في التعبير عن المعنى بشموليته لا بدلالات عناصر النَّص الفردية، مما يسمح بإبدال كلمة بأخرى، أو عبارة أو صورة أو حتى أسلوب بآخر، في حدود خصائص اللغة الهدف ودقّة نقل المعنى المراد. وذهبت بعض النظريات اللسانية والتّرجمية إلى حدِّ عدّ تصرّف المترجم الشكليّ في مكونات النَّص مع التزامه التَّام بدقَّة نقل المعنى إبداعاً بحدّ ذاته.

من جهتها، أوضحت اللسانيات المعرفية بعض الأساليب التي تتيح للمترجم إيجاد حلول لما قد يصادفه من عبارات أو جمل لها دلالاتها في المصدر لكنها تستعصي للوهلة الأولى على الترجمة إلى الهدف، لا سيّما عندما تكون الثقافة المختزلة في اللغة المصدر بعيدة عن تلك التي تعبّر عنها اللغة الهدف. هنا يصبح إنتاج المترجم الإبداعي نتيجة نشاط ذهني يبحث عن حلول لمشكلات لغوية متأتية من اختلافات ثقافية معرفية أو مفاهيمية.

تتعدَّد النظريات الترجمية التي تبحث في مفهوم الإبداع وحدوده، والتي قد يكون من المفيد للمترجم أن يطّلع عليها. وأياً كان فحوى تلك النظريات وما خلصت إليه، فإنّ متانة معرفة المترجم بلغتيّ العمل بكل ما يختزلانه من عمق ثقافة، وتوظيفه السليم لتلك المعرفة هي خطواته الأولى على طريق الإبداع. على ألّا يقوده سعيه إلى الإبداع إلى انحرافات تأخذه إلى مسالك أخرى، وتوقعه في هاوية الخيانة أو التشويه.

 

اضغط على الرابط أدناه لقراءة العدد كاملاً:

(العدد 30 – شتاء 2023- الجزء الأول) pdf.

(العدد 30 – شتاء 2023 – الجزء الثاني) pdf.