العددان 706 – 707، تموز – آب 2022

على عرش الأدب العالمي

 

وزيرة الثقافة

الدكتورة لبانة مشوِّح

في السادس من تشرين الأول 2022، توِّجت الأديبة الفرنسية والأستاذة الجامعية أنّي أرنو على عرش الأدب العالمي، إذ مُنِحت جائزة نوبل للآداب، فكانت أول أديبة فرنسية، والسيدة الفرنسية السادسة عشرة التي تفوز بالجائزة من أصل سبع عشرة امرأة على مستوى العالم انتقتها أكاديمية العلوم الملكية السويدية لنيل هذا الشرف الرفيع.

تبلغ الأديبة أرنو من العمر اثنين وثمانين عاماً، ولدت لأسرة من الطبقة العاملة، ونشأت في أجواء المقهى الذي كان أبواها يديرانه، مما أتاح لها فرصة نادرة للاحتكاك عن قرب بالناس من مختلف الشرائح الاجتماعية، والإصغاء إلى أحاديثهم، والتفاعل مع مشاعرهم؛ فاغتنى مخزونها اللغوي من لهجاتهم وأساليب تعبيرهم، وتراكمت في ذاكرتها مشاهد من قصص حياتهم.

«أرنو» أديبة ملتزمة من أقصى اليسار، رافضة للمنظومة الاجتماعية والفكرية السائدة في الغرب، الأمر الذي انعكس على لغتها وأسلوبها إذ عملت على قلب المنظومة الأدبية، ولم يقتصر أثرها في تطوير الأدب الفرنسي المعاصر، بل تعدّى ذلك إلى ترك بصمة في الأدب العالمي.تناولت مواضيع لطالما أدرجت على قائمة ما عدّ دون مستوى الأدب، ووسمت بأنها «ما لا يليق بالأدب أنْ يتناوله»، من مثل الإجهاض والقطارات السريعة وقطارات الأنفاق. ومن المواضيع الأثيرة على نفسها «الزمان» و«الذاكرة» و«النسيان». رفضت أنْ تزيّن جُملتها بالمحسِّنات اللفظية، وازدرت البهرجة اللغوية، فغلّبت وضوح التعبير على جمالية البلاغة، وكأنها ترفض سلطة اللغة على الفكر المتأمِّل للواقع المعبّر عنه بكل ما فيه. هي أديبة تعيش زمنها بكل أبعاده ومشاكله وتغوص فيما يؤرقه، واختارت التعبير عن ذلك كلّه بلغة منبسطة – لا  مبسّطة- تلامس القسوة في كثير من الأحيان.

انخرطت أنّي أرنو من موقعها كأديبة وأستاذة جامعية في عمق الحوار الدائر حول أدب ما بعد الحداثة، وعلاقة الأدب بالعلوم الإنسانية.

انتزعت أول كاتبة فرنسية أرفع جائزة أدبية في العالم بما تمتعت به كتاباتها من «شجاعة وحدّة في تشريح الواقع وصولاً إلى اكتشاف الجذور، وما تفرضه القيود الجمعية على الذاكرة فتنأى بها بعيداً عن تلك الجذور»، وربما لجرأتها في التعبير عن موقفها الأدبي والإنساني من تحدي المتقابلات والتحكم بالهوية.

من أعمالها «خزائن فارغة» (1974)، و«الساحة» (1983)، و«الحدث» (2000)، و«انظر إلى الأنوار يا حبيبي» (2014)؛ فحبذا لو ينبري المترجمون الأكفاء لمساعدة القارئ العربي على فتح خزائنها، والولوج إلى ساحتها، ورؤية ما أضاءته من أنوار في الفضاء الأدبيّ واللغويّ.

 

 

لقراءة العدد كاملاً اضغط على الرابط أدناه:

(العددان 706 – 707، تموز – آب 2022) pdf.