التراث اللاماديّ تجذّر وتجدّد
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوّح
تطور مفهوم التراث الثقافي في العقود الأخيرة تطوراً ملحوظاً، إذ لم يعد يقتصر على المواقع والأوابد والقطع الأثرية والفنية، وهو ما اصطلح على تسميته بالتراث المادي، بل تعدّاها إلى أدوات التعبير الحي والتقاليد والحكايات، والممارسات الاجتماعية، والطقوس والاحتفالات على مختلف أنواعها، والمعارف المرتبطة بالطبيعة والكون، والمهارات المنتجة للحرف التقليدية…
وفي سياق الاهتمام الدولي بصون التراث النقافي ذي الصلة بالممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات التي تصنفها الجماعات والمجتمعات كجزء لا يتجزأ من تراثها الثقافي، شرعت اليونسكو منذ عام 2000 بحصر مختلف المصطلحات المتداولة من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والمنظمات الوطنية الحكومية والمنظمات غير الحكومية وسواها من الجهات المعنية، للدلالة على هذا النوع من التراث الثقافي.
ومن المصطلحات التي رُصدت ووُضعت تعاريف كل منها تحت مجهر الدراسة والتحليل والمقارنة مصطلحات من مثل «التراث الثقافي اللامادي» و«التراث الشعبي» و«التراث التقليدي» و«التراث الشفوي» و«الفلكلور» و«الثقافة الشعبية» و«المعارف التقليدية»، وغيرها. وبناء على إجابات تلقتها اليونسكو على استبانة من /36/ سؤالاً وزَّعته على الدول الأعضاء، وعلى اجتماعات وندوات عقدتها ودراسات وبحوث موّلتها، استقرّ الرأي على توحيد المصطلح عند الجميع واعتماد «التراث اللامادي» ليشمل التراث الحي من ممارسات ومعارف يرثها الأفراد والجماعات، ويجهدون فيما بينهم لإحيائها وإعادة إبداعها ونقلها إلى الأجيال القادمة.
يشكل التراث اللامادي عنصراً مهماً في تعزيز التنوّع الثقافي وتكريس الهوية في مواجهة العولمة المتنامية. وهو أيضاً عنصر تماسك وانسجام وأداة حوار وتثاقف، يعزّز الثقة بالتميز واحترام الذات.
والتراث اللامادي تراث تقليدي، لكنه أيضاً معاصر حي متجدد. وهو شامل لا حصري، بمعنى أن بعض عناصره قد لا يكون مقتصراً على جماعة في منطقة دون أخرى، أو في بلد دون آخر. وهو لا يحدّ ببقعة جغرافية، بل قد تظهر ممارساته في قرية هنا وتجمع مدني هناك… لكنّه في كل الأحوال جزء من موروث ثقافي متجذر حي، يصونه حَمَلَتُهُ فيمارسونه، ويتناقلونه من جيل إلى جيل، ويطورونه ويجددونه، يبقون عليه حيّاً ليغدو جزءاً من هويتهم الثقافية المتجذرة المتجددة.
لقراءة العدد كاملاً يمكنكم الضغط على الرابط أدناه: