كنوز لا تنضب
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوِّح
لا شك في أن فضل الحضارة العربية الإسلامية كبير على نهضة أوروبا وخروجها من عصر الظلمات إلى عصر الأنوار. لم تكن تلك الحضارة مجرّد امتداد لما سبقها، ولم تتقوقع في نمط حضاري قائم ومحدّد، بل انفتحت على كلّ اللغات، ونهلت من كل المعارف، وتعمّقت في كل الأنماط الحضارية، لتخرج بنسيج فريد لا يشبه ما سبقه، ويؤسس لعصور من الإبداع المعرفي. وهذا ما أغنى الفكر الإنساني، وحفّزه على المزيد من الابتكار والإبداع، لتنتقل البشرية بخطا متسارعة إلى العلوم الحديثة.
لم يكتف العلماء العرب والمسلمون بنقل التراث العلمي والمعرفي للحضارات التي تقدّمت عليهم في التاريخ من آشورية وبابلية ومصرية وهندية وصينية إلى حضارة الإغريق واليونان، بل أضافوا إلى تلك العلوم والمعارف؛ فابتكروا الصفر والنظام العشري والترقيم، وكانوا سباقين في اكتشاف نظرية التطور والجاذبية، وقاسوا سرعة الضوء، وقدّروا زوايا الانعكاس والانكسار ومحيط الأرض وأبعاد الأجرام السماوية، وابتكروا المناظير والمجاهر والآلات الفلكية. ووضعوا أسس علوم الكيمياء، وكانوا رواد علم الجبر، وأول من اخترع هندسة القطع المكافئ وعلم حساب المثلثات. وكان الخَوَارِزْميُّ في كتابه «الحبر والمقابلة» أول من شرح الأساليب الحسابية لحل قضايا جينية عن طريق المحاسبة ثنائية الاتجاه.
كان للمستشرقين أثرٌ حقيقي وفاعل في إبراز عظمة هذه الحضارة، وانكبّ مؤرخو العلوم في الغرب على دراسة منجزات العلماء العرب والمسلمين عبر البحث والتنقيب في بطون مئات المخطوطات العربية كاشفين جواهر مكنوناتها وناهلين من معين كنوزها الثمينة الذي لا ينضب. ولعل أحد أهم من درس إنجازات العلماء العرب في مجال الطب تحديداً الطبيب والمؤرّخ لتاريخ العلوم في المشرق الفرنسي لوسيان لوكلير الذي أفرد لتاريخ الطب العربي مؤلَّفاً يقع في نحو خمسمئة صفحة، وصف فيه العلوم في الحضارة العربية والإسلامية بأنها «النشاط البشري الأنبل والأسمى»، مؤكداً أنها «أبهى تجليات الحضارة في مواجهة البربرية والظلامية».
وللحديث بقية…
لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه: