مجلة المخطوط العربي- العدد الخامس- 2023م

كنوز وأسرار

وزيرة الثقافة

الدكتورة لبانة مشوِّح

احتفاءً بالعيد الرابع والستين لتأسيس وزارة الثقافة، وضمن الفعاليات التي نُظِّمت في إطار الاحتفال بأيام الثقافة السورية، أقامت مكتبة الأسد الوطنية مؤخراً معرضاً هو الأول من نوعه، وضعت فيه بين يدي الجمهور بعضاً من نفائس كنوزها من مخطوطات نادرة. وليس في ذلك غرابة، فمكتبة الأسد الوطنية لم تبخل بإقامة معارض تخصصية بين الفينة والأخرى تتيح فيها للجمهور من غير المختصين الاطلاع على بعض ما تختزنه من كنوز معرفية.
الجديد في الأمر أنّ المعرض أُفرِد في جزء كبير منه لعرض الحواشي التي تظهر في متن المخطوطات، والتقييدات على النصوص التي تظهر على ظهرية المخطوط، أي ورقته الأولى، وعلى غاشيته أو ما يعرف أيضاً بحرد المتن، أي آخر ورقة فيه.
من المعروف أن المحقق المتمكن يستطيع بوساطة خوارج النص، أي الورق الذي خُطَّ عليه والحبر الذي كتب به، والخط، والتجليد، أن يعرف تاريخ كتابة النص ومكان كتابته؛ أمّا التقييدات التي ترد على ظهرية النص وغاشيته، فإنها تتيح كشف أسرار أخرى لا تقل أهمية عمّا سبق. إذ يمكن بتفحصها تتبّع تاريخ ملكية المخطوط والرحلة التي قطعها بين قارئ ومالك ومطالع، فضلاً عن إمكانية العثور فيها على ما يدل على اسم صاحب المخطوط أو عنوان المخطوط.
لا شك أن تتبّع تملّك المخطوط أمر في غاية الأهمية في عملية التوثيق، لكنّ إمعان النظر في تلك التقييدات يجعل القارئ يبحر في عوالم أخرى تخرجه من حدود مادة النص الضيقة على اتساعها، ومن أغراض التحقيق نفسها، لتفصله وإن لبرهة عن المؤلف أو الناسخ، وتعبر به إلى ضفاف أرحب يتعرّف فيها ما أحاط بالمخطوط من ظروف، وما تداولته من أيدٍ، وإذا كان آخرون لامسوا المخطوط تصفّحاً، أو قرؤوه، أو تملّكوه، أو باعوه أو اشتروه في سوق الورّاقين، أو ورثوه واحتفظوا به؛ أو لعلّ المخطوط كان محفوظاً في خزائن سلطان أو ملك أو أمير، أو أنّ من نسَخه إنما كان عالماً أو طالب علم…
التقييدات عالم قائم بذاته، يغوص الباحث في لجّه، يستخرج منه من اللآلئ ما لم يكن في حسبانه؛ عالم أرحب من المخطوط نفسه، يفتح أمام الباحث آفاقاً من نوع آخر. وتبقى المخطوطات صناديق مغلقة تنتظر من يكشف كنوزها.

 

لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه:

المخطوط العربي- العدد الخامس