تابعت الندوة الوطنية للترجمة، التي تُقام تحت عنوان (الترجمة بين التقليد والإبداع – مواطن الإبداع في الترجمة)، أعمالها لليوم الثاني بحضور السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح، والمدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف الياسين، ومديري الهيئة، وأعضاء اتحاد الكتاب العرب، ورئيس اتحاد المترجمين السوريين، والمترجمين والمهتمين بالشأن الثقافي. وزعت محاور هذا اليوم على جلستين؛ أدار الأولى منهما د. فؤاد الخوري الذي قدم ورقة عمل حملت عنوان (الترجمة الآلية وإشكالية الإبداع) بيّن خلالها كيف يمكن للحاسوب المساعدة في الترجمة، وما هي فائدة الترجمة الآلية، وهل ثمة إبداع عند استخدامها. في حين تناولت المداخلة التي قدمها د. عدنان عزوز مزايا النصوص المنتَجة بالترجمة الآلية مقارنة بالترجمة البشرية، حيث استعرض بداية كيفية عمل الترجمة الآلية، وقدم مثالاً على ذلك (ترجمة غوغل)، لا سيما وأنها واحدة من الترجمات الآلية التي تطورت منذ نشأتها، وباتت تعتمد على ما يِسمى بالذكاء الصناعي عبر خلق بنك بيانات، وأخذ السياق بعين الاعتبار عند الترجمة فاستدركت بذلك المشكلات التي عانى منها المسخدمون سابقاً. وتابع عزوز: “غير أنه على الرغم من التطور الذي شهدته الترجمة الآلية، وما امتازت به من فوائد إلا أنه ينبغي عند اللجوء إليها مراعاة عدد من المحاذير، ولا سيما عند ترجمة بعض النصوص الفكرية أو الدينية، إضافة إلى ضرورة التنبه إلى أن هذه الترجمة، وإن بلغت من التطور حداً بعيداً، إلا أنها تبقى قاصرة عن إدراك جماليات النصوص الإبداعية التي يتلمسها المترجمون البشريون.” من جانبه تحدث أ. حسام الدين خضور في ورقة عمله عن الترجمة الإبداعية في عالم الأعمال إذ قدم بداية تعريفاً لبعض المصطلحات، وأوضح دور عالم الأعمال في توسيع رقعة الاهتمام بالترجمة حتى غدت حاجة مجتمعية، كما أنه استعرض الفروق بين الترجمة والترجمة الإبداعية التي تُعدّ أعلى كلفة من الترجمة العادية، وتنتج رسالة جديدة، إلى جانب أنها عمل تسويقي. أما أ. آلاء أبو زرار فقد فندت في ورقة عملها مستويات المقارنة بين ترجمتين، وتحدثت عن إشكاليات وفوائد تعدد الترجمات للعمل نفسه، واتخذت من ترجمتي منير بعلبكي وزياد العودة لرائعة فيكتور هوغو (البؤساء) أنموذجاً لذلك. بدوره تناول د. ممدوح أبو الوي موضوعة الترجمة عن لغة وسيطة مستعرضاً المشكلات التي قد يقع فيها المترجمون عندما يلجؤون إلى هذه الترجمة وتأثير ذلك على النص الإبداعي المترجم.
وأدار الجلسة الثانية د. باسل المسالمة، وافتتحتها د. ميسون علي بالحديث عن الترجمة كعمل إبداعي، واتخذت مثالاً على ذلك ترجمة المسرح المعاصر، حيث رأت أن ترجمة هذا الشكل المسرحي يجب أن تراعى في أولوياتها تقديمه على الخشبة. وعليه ينبغي على المترجم الذي يتصدى لترجمته أن يكون مُلماً بلغة النص المسرحي وروحه ومرجعياته الفكرية. وسلطت د. ريم شامية في ورقة عملها الضوء على علاقة الثقافة بالترجمة، ومن ثم ترجمة النص الأدبي، ولا سيما في الثقافة الفرنكوفونية. وأجرت أ. ثراء الرومي مقارنة لواقع ترجمة الشعر على أكثر من صعيد، وهل يعد نقل القصيدة المترجمة بشعر وأوزان أجنبية إلى قصيدة مشابهة بشعر وأوزان لغة الضاد تجديداً أم تقليداً، لترى في الختام أن قضية ترجمة الشعر تبقى أمراً شائكاً وجدلياً، لكنها رسالة تحمل ثقافة وحضارة وينبغي على حاملها أن يكون أميناً كي يحافظ على ما أمكن من ملامحها.
وفي الختام قدمت السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح، والمدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف الياسين، ومدير الترجمة في الهيئة د. باسل المسالمة شهادات مشاركة للسادة الباحثين المشاركين في الندوة تقديراً على جهودهم المبذولة فيها.