اقتصاد الإبداع
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوِّح
إنّ أيّ عمل، فكرياً كان أم فنياً أم حرفياً أم صناعياً، هو نتاج العقل البشريّ ويمكن أن يرتقي إلى مصاف الإبداع. ومن الواجب، بل من البدهي، أن يُقدّر هذا الإبداع، بل أن يُستثمر على أحسن ما يكون الاستثمار، ليس احتضاناً للمبدع ودعماً له فحسب، بل نشراً للإبداع وتعميماً لقيمه وتحفيزاً عليه، وكذلك دعماً للاقتصاد الوطني ككل ونهوضاً بالأوطان.
يختزل مصطلح «الاقتصاد الإبداعي» هذا المفهوم الذي يتعدّى الإطار الوطني لينسحب على الصعيدين القوميّ والعالمي. أهمية الاستثمار في هذا الاقتصاد كضرورة ملحّة، وربما كخيار موازٍ للاقتصاد القائم على استثمار الثروات الطبيعية، أو كبديل عنه في حال نضوبه، برزت بوضوح وإلحاح أثناء الركود الاقتصادي الذي نتج عن جائحة كوفيد-19، وتفاقم في ظل أجواء ومتغيرات دولية. من هذا المنطلق، وللأهمية المتزايدة لمفهوم الاقتصاد الإبداعي، تُعقد المؤتمرات وتُنشر البحوث لشرح قيمته وأهمية إسهاماته في الارتقاء بالاقتصاد الوطني وفي تعزيز مسيرة النمو، وضمان الاستمرار في دعم المشروعات والمبادرات الإبداعية التي لا تقتصر على الإبداع الفكريّ والفنيّ بشتى صنوفه فحسب، بل تتعدّاه إلى الإبداع في مجالات واسعة شتى كالتقانة والعمارة والبيئة وسواها.
وفي حديث الثقافة عن «الاقتصاد الإبداعي» لا بدّ من إبراز أهمية حماية وصون تراثنا الثقافي بشقيه المادي واللامادي، هذا التراث العريق في امتداداته التاريخية والغنيّ في تنوّعه الذي يشكّل إحياؤه والحفاظ عليه وحسن توظيفه واستثماره عنصراً أساسياً وجوهرياً لبناء اقتصاد إبداعيٍّ مزدهر. ولا يقلّ احتضان المبدعين وتقديم كلّ دعم ممكن لهم أهمية، ضماناً لاستدامة المنتج الإبداعي وتطوره.
ولا يصحّ أن يظلّ تمويل الإبداع محصوراً بالدولة ومؤسساتها، بل ينبغي أن يتعداها وأن تتّسع حلقة المسهمين فيه لتشمل القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع الأهلي المعنية بالشأن الثقافي. كما ينبغي ضمان استدامة المشروعات الثقافية الإبداعية وتوالدها وارتقائها.
من هذا المنطلق، لا بدّ من وضع دليل تأشيريّ ووضع الخطط والبرامج التنفيذية لضمان تحويل إرثنا ومنتجنا الثقافي على حدّ سواء إلى داعم للاقتصاد الوطني لا عبئاً عليه.
اضغط على الرابط أدناه لقراء المجلة كاملة: