التَّنوُّع الثَّقافي غنى والتزام
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوِّح
إنَّ التَّنوّع الثَّقافي هو السمة المميزة للهُوية الوطنية الجامعة، ودستور الجمهورية العربية السورية يكفل في الشَّكل والمضمون حماية هذا التَّنوّع للمجتمع السوري بمكوناته جميعها وتعدد روافده، ولا سيما في المواد 9-33-34-42-43، ويؤكد أن الحرية حقٌّ موروثٌ ومقدّس، وأنه لا تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة أو المنشأ أو المعتقد، وللناس جميعاً فرصُهم المتكافئة. كما ضَمِنَ الدستور حقوق التأليف والنشر والإبداع الثَّقافي والفني والاختراع. وصدر عام (2013) القانون الخاص بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
وتحقيقاً لأهداف وزارة الثقافة المحدَّدة بالقانون رقم /7/ لعام (2018م) وتداركاً لعواقب جائحة (كوفيد 19) على الصناعة الثقافية والحركة الإبداعية عموماً، وبعد اتخاذ الإجراءات الاحترازية كلها لتفادي انتشار الوباء، وعلى الرغم من الحصار الجائر أحادي الجانب المفروض على سورية، استمرت الوزارة في دعم الإبداع والحفاظ على دوران عجلة الصناعة الثقافية، إدراكاً منها لأهمية دور الثَّقافة في التَّنمية المستدامة ومحاربة اليأس والتطرُّف، وفي ترسيخ قيم العدالة والمساواة واحترام التَّنوُّع في بلد كان ولا يزال نموذجاً حيّاً للغنى والتَّنوُّع الثَّقافي عبر العصور. وقد قدّمت سورية تقريرها الدوري حول بناء القدرات في مجال رصد السياسات المستندة إلى النهج التشاركي.
أمّا قانون التراث الثَّقافي اللامادي المزمع إصداره، فهو يكوّن الإطار التشريعي الضامن لصون التراث واستدامته.
وانسجاماً مع مشروع الحكومة الإلكترونية والتحوّل الرقمي في سورية، اعتمدت وزارة الثقافة البيئة الرقمية في نشر المضامين الثَّقافية والإبداعية، فباتت كلّ مطبوعاتها تنشر بنسخة رقمية، وأَطلَقت مشروعات عدّة، منها المتحف الرقمي للفن الحديث، والتوثيق الرقمي للأعمال التشكيلية ولمقتنيات متاحفنا الأثرية التي لا تقدّر بثمن، والتعليم الرقمي للفنون والحرف التقليدية، ووضع خرائط رقمية لأشكال التعدّد الثقافي السوري اللامادي، ولكل المواقع الأثرية في سورية.
كانت سورية عبر تاريخها الذي يمتد بجذوره إلى الألف السابع قبل الميلاد ملتقى للحضارات. والحرب الإرهابية الظالمة التي فُرِضت عليها خلال العقد الأخير استهدفت تمزيق وحدتها الجغرافية، وضرب تنوّعها الثَّقافي. ووَصَلَ الإجرامُ بحق المجتمعات المحلية ذات الخصوصية الثقافية التي تؤلِّف مكوناً أساسياً في نسيجنا الوطني، حدّ التطهيرَين العرقي والمذهبي، لذلك فإن حرصنا على حماية تنوّعنا الثقافي يوازي حرصنا على وحدة وطننا أرضاً وشعباً.
إنَّ التنوّع الثقافي غنى للهوية الوطنية الجامعة؛ واحترامه وحمايته حق وواجب يحترمه دستور الجمهورية العربية السورية، وتمليه روح الإخاء والانسجام التاريخي بين جميع مكونات المجتمع السوري عبر تاريخه العريق.