الترجمة… واقع وآفاق

سعياً من الهيئة العامة السورية للكتاب لتشجيع حركة الترجمة في سورية، استضاف برنامج (نوافذ) يوم أمس في قاعة محاضرات مجمع دمر الثقافي المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب د. ثائر زين الدين، ومدير مديرية الترجمة في الهيئة الأستاذ حسام الدين خضور وذلك ضمن ندوة (الترجمة… واقع وآفاق)، التي أدارها أ. إدريس مراد، وبحضور ثُلّة من المترجمين، والمهتمين بالشأن الثقافي، والإعلاميين.

ابتدأ د. ثائر زين الدين مداخلته التي حملت عنوان (عن الترجمة) بالرأي الذي يقول: “إن اللغاتِ هي أبواب ثقافاتِ الأمم، والترجمةُ هي مفاتيح تلك الأبواب!”. مؤكداً أن الشعوب قد أدركتِ ذلك منذُ القِدم، فكانت في مراحِلِ نهوضها وانطلاقها لبناء حضارتها الخاصة تُترجمُ معارفَ الأمم الأخرى وعلومَها وآدابَها، وتجعلها أساساً للبناءِ عليّه وتقديم إضافاتها الخاصة، وهذا ما فعلناه نحن العرب ذات يوم. ثم تابع حديثه مستعرضاً الأدوار التاريخية التي مرت بها الترجمة، ومبيناً أنها شهدت وثبة عظيمة في زمن العباسيين ولاسيّما في عصر المأمون، إذ كان للمترجمين في هذا الزمن دورٌ مهمٌ في نقل أهم كتبِ الأممِ الأخرى عن لغاتٍ كثيرة، ومنها: اليونانيّة والفارسيّة والهنديّة والقبطيّة واللاتينيّة والنبطيَّة والسريانيّة والعبرانيّة.

وأشار تالياً إلى المشروع الوطني للترجمة الذي أطلقته وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب منذ فترة قريبة، وشكّلت لذلك لجاناً مختصة تضع خطة طموح في كل عام، وتمنى في هذا الصدد مؤازرة اتحاد الكتّاب ودور النشر الخاصة وغيرها في ذلك؛ عسى أن يكون هذا المشروع حجر الأساس في نهضةٍ قادمةٍ تذكرنا بدار الحكمةِ زمن المأمون!

وختم زين الدين مداخلته باستعراض مجموعة من الأرقام الدّالة في مجال الترجمة عربيّاً ودوليّاً ومحليّاً، وأكّد على ضرورة القيام بإحصائيات دقيقة، تبيّن لنا أعداد الكتب التي ترجمناها إلى العربية من لغات العالم، أو ما تُرِجمَ من العربيّة إلى مختلف اللغات، موضحاً أهمية اضطلاع الجهات الرسميّة بالدرجة الأولى، والخاصة بالدرجة الثانية بهذا الدور المهمّ.

بدوره بيّن أ. حسام الدين خضور في ورقته التي حملت عنوان (الترجمة… واقع وآفاق) بأن الترجمة تزداد أهميتها وتتوسع دائرة عملها فهي جزء من عمل اللغة في حياتنا المعاصرة، مضيفاً أن هذا الجزء هو الجزء الأكثر حيوية وفعلاً في الواقع لأنه الجزء المشترك بين اللغات كافة؛ فالناس مختلفو اللغة يتواصلون ويتفاهمون بوساطة الترجمة.

ثم استعرض واقع الترجمة في سورية مشيراً إلى أنها تتوزع على مجموعة من الأعمال، وهي: الترجمة التحريرية، والترجمة الفورية، والهيكلية التنظيمية، والموارد المالية، ليصل إلى الحديث عن الآفاق الرحبة لتطوير مهنة الترجمة لما لها من دور في دعم الدخل الوطني من خلال صناعة المؤتمرات، ودورها في نشوء مهنة جديدة في الكتابة، وهي مهنة التحرير. ودعا في الختام إلى تأسيس مركز وطني للترجمة انطلاقاً من توسعها، وتزايد أهميتها، ورغبةً في تحريرها من التنازع بينها وبين التأليف، كما دعا كذلك، ضمن الآفاق المرئية، إلى تأسيس اتحاد خاص بالمترجمين، يرعى هذه المهنة، وحقوق العاملين فيها.

وقد وجّه الحاضرون في الختام جملة من الأسئلة والاستفسارات التي تناولت واقع الترجمة في سورية، ومشكلاتها، والدور الذي يلعبه المشروع الوطني للترجمة في رفدها بالجديد والمهم.