التراث مسؤولية وطنية
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوّح
تزخر عادات الشعوب وممارساتها ومنتجاتها الحرفية بعناصر مرتبطة بتفاصيل حياتية ومهارات توارثتها عبر الأجيال؛ حملتها بحكم العادة أو الممارسة اليومية أو الظرفية أو الموسمية. انتقلت إليها بالاكتساب أو بالتعلّم، وشكّلت في كلّ الأحوال ما بات يُعرف بتراثها اللامادي الذي غدا جزءاً لا يتجزّأ من كينونتها، ووسمها بما يميِّزها ويجعلها متفرّدة بين الأمم الأخرى.
لم يعد الحديث في التراث اللامادي حديثاً مرسلاً يُكتفى فيه بالوصف والسرد والتغنّي. أصبحت تنظمه اتفاقياتٌ دولية، والخوضُ فيه يحتاج بحثاً متأنياً، وحصر عناصره تجريه أيد متدرّبة، وتُحصر تلك العناصر وفقاً لمعايير دقيقة تحدِّد مدى أهميته بالنسبة لحملته، وفيما إذا كان يسهم في تمكينهم اقتصادياً ونمائهم اجتماعياً. استناداً إلى هذه المعايير وغيرها يُدرج العنصر اللامادي في السجل الوطني، مما يؤهّله لأن يُرشَّح للتسجيل على لائحة اليونسكو للتراث الإنساني.
إن تزايد الاهتمام العالمي بهذا التراث والحرص على صون عناصره ينبع من إدراك كونه مكوِّناً أساسياً من مكونات الهوية الوطنية وجمال نسيجها وتماسكه، وأهميته في تعزيز الهوية والشعور بالانتماء. ناهيك عن دوره في تعزيز الاقتصاد إذا ما أحسن توظيفه سياحياً، مما ينعكس إيجاباً على التنمية المجتمعية.
من هذا المنطلق، نُدِبت مجلة التراث الشعبي لمهمة وطنية بامتياز، ألا وهي نشر الوعي بأهمية تراثنا اللامادي، والتعريف بعناصره، إثباتاً لبعض سمات هويتنا الوطنية الجامعة. في طياتها مقالات وبحوث توثيقية دقيقة مُغنية، من شـأنها أن ترفد جهود كل الجهات الوطنية والعربية العاملة في الحصر والصون فتقرّب المسافات فيما بينهم، وتسرّع من إنجازهم لمهامهم.
التراث اللامادي بكامل عناصره ملك للوطن. لا تقع مسؤولية الإبقاء عليه حياً على عاتق حملته فحسب، ولا تستأثر جهة بعينها بمسؤولية صونه. على جهود الجهات المعنية كلّها أن تتكامل، وأن تؤطّر في معايير وطنية محدّدة، بما ينـأى بها عن العبثية والفوضى.
لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه: