التراث اللامادي
عراقة الماضي وغنى الحاضر
وزيرة الثقافة
الدكتورة لبانة مشوِّح
تعتز الشعوب كافة بتراثها الثقافي عموماً بوصفه جزءاً لا يتجزأ من شخصيتها، وأحد أهم ركائز هُويتها الوطنية. وإذا كان التراث المادي شاهداً على تاريخ الأمم وعلى عظمة منجزها عبر الزمن، فإن التراث اللامادي يجمع بين إرث الماضي ومنجز الحاضر. إنه تراث مَعِيشٌ ينبض بالحياة. بل هو بمنزلة الروح لحملته، يلازمهم بكل دقائقه، يستمتعون بممارسته، ويتمسكون به باعتباره جزءاً من ذاكرتهم. لكنها ليست ذاكرة قابعة في ركن قصيّ من أركان لاوعيهم؛ إنها ذاكرة حيّة، تستمد عناصرها من الموروث، وتتعزّز بالممارسات. التراث اللامادي ينهل من الماضي ليلوّن الحاضر بما يضفي عليه نكهة خاصة ورونقاً وفرادةً. يعيد التراث الحي اكتشاف الذات، ويعزّز الشعور بتميزها شأنه في ذلك شأن التراث الأثري. وإدراك هذا التميز يقوّي الشعور بالانتماء، ويعدّ أحد أهم الأسلحة في وجه التسطيح والعولمة الثقافية.
هذا العدد من مجلة التراث الشعبي أشبه بحديقة غنّاء يجد القارئ في أفيائها غنى وتنوعاً يتناسبان وغنى التراث اللامادي السوري. يُتاح له أن يتنقّل في مختلف أرجاء الجغرافية السورية بين مناطق القلمون، والجزيرة الفراتية، والساحل، والمنطقة الجنوبية ليتجوّل في أزقة دمشق وقرى السويداء، ويتعرف باقةً من عناصر تراثية تنوعت بين أشكال من اللباس التراثي والعادات المرتبطة به؛ وألوان المأكولات وطقوس إعدادها؛ وأسرار تربية الخيول العربية الأصيلة؛ وجماليات حرفة صناعة القش؛ والمتوارث في زراعة التبغ؛ والمهاهاة في بلاد الشام، أصولها وطريقة أدائها وبساطة ألفاظها وعمق معانيها. كلّها عناصر حافظ حملتها عليها بعناية، وغدت سمة مميزة لوجودهم. كما تفرّغ باحثون لتوثيقها بما تحمله من أصالة في الممارسات والمهارات، ومن قيم جمالية واقتصادية واجتماعية.كذلك يجد القارئ ما يغنيه في معرفة بعض ما علق في الوجدان الشعبي من شخصية الحلاج الأسطورية، وينتقل إلى التمعن في الصلة بين الطقس والخرافة، وفي إشكالية التراث الثقافي وأهميته بالنسبة إلى الهوية وأثره في توسيع الآفاق المعرفية.
مشهد جمالي معرفي يماثل في اتساعه وغناه غنى التراث السوري الحي في الذاكرة والوجدان والممارسة.
لقراءة العدد كاملاً، يمكنكم الضغط على الرابط أدناه: